السيد زمن المحنّة صاحب السمو / المؤسس و المدير
التحصيل الدراسي : تربية رياضية الوظيفة : اعلامي الهواية : رياضة عدد الرسائل : 306 العمر : 44 الموقع : https://iraqson.ahlamontada.net/ نقاط : 592 تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: فضيلة الاسرار في الصدقة المندوبة الجمعة أبريل 18, 2008 10:08 pm | |
| فضيلة الاسرار في الصدقة المندوبة
لا كلام في ان الاسرار في الصدقة المندوبة افضل من اظهارها للمعطى في اعطائها، و يدل عليه قول الصادق عليه السلام: «الصدقة في السر و الله افضل من الصدقة في العلانية» (127) . و قوله-عليه السلام-: كلما فرض الله عليك فاعلانه افضل من اسراره، و كلما كان تطوعا، فاسراره افضل من اعلانه» .
و انما الكلام في ان الافضل للآخذ في اخذها ان ياخذها سرا او علانية. فقيل الافضل له اخذها سرا، لانه ابقى للتعفف و ستر المروة، و اسلم لقلوب الناس و السنتهم من الحسد و سوء الظن و الغيبة. و عون للمعطى على العمل، و قد علمت افضلية السر على الجهر في الاعطاء، و اصون لنفسه عن الاذلال و الاهانة، و اخلص من شوب شركة الحضار، فان المستفاد من الاخبار:
ان الحضار شركاء من اهدى له في الهدية. و الظاهر ان الصدقة مثلها اذا كان الحضار من اهلها. قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «من اهدى له هدية و عنده قوم، فهم شركاؤه فيها» . و قال الباقر عليه السلام «جلساء الرجل شركاؤه في الهدية» . و قال-عليه السلام-: «اذا اهدى للرجل هدية من طعام، و عنده قوم، فهم شركاؤه في الهدية: الفاكهة او غيرها» . و قيل: الافضل اخذها علانية، و التحدث بها، لتنقية الكبر و الرياء، و تلبيس الحال، و ايجابه الاخلاص و الصدق، و اقامة منة الشكر، و اسقاط الجاه و المنزلة، و اظهار العبودية و المسكنة، مع ان العارف ينبغي الا ينظر الا الى الله، و السر و العلانية في حقه واحد، فاختلاف الحال شرك في التوحيد.
و الحق ان الحكم بافضلية احدهما على الاطلاق غير صحيح، اذ تختلف فضيلة كل منها باختلاف النيات، و تختلف النيات باختلاف الاحوال و الاشخاص فينبغي لطالب السعادة ان يراقب نفسه، و يلاحظ حاله و وقته، و يرى ان اى الحالتين من السر و الجهر بالنظر اليه اقرب الى الخلوص و القربة، و ابعد من الرياء و التلبيس و سائر الآفات، فيختار ذلك، و لا يتدلى بحبل الغرور، و لا ينخدع بتلبيس الطبع و مكر الشيطان. مثلا اذا كان طبعه مائلا الى الاسرار و راى ان باعث هذا الميل حفظ الجاه و المنزلة و خوف سقوط القدر من اعين الناس، و نظر الخلق اليه بعين الازدراء، و الى المعطى كونه منعما محسنا اليه، او خوف الا يعطيه الناس بعد ذلك لعلمهم بما اخذه، فلينتقل عن الاسرار و ياخذها علانية، اذ لو ابقى نفسه على ما استكن فيها من الداء الدفين، و عمل بمقتضاها، صار هالكا و ان كان طبعه مائلا الى الاسرار، و ايقن بان باعث الميل اليه: ابقاء التعفف، و ستر المروة، و صيانة الناس عن الحسد، و سوء الظن و الغيبة، و لم يكن باعثة شيء من المفاسد المذكورة، فالاولى ان ياخذها سرا.
و يعرف ذلك بان يكون تالمه بانكشاف اخذه للصدقة كتالمه بانكشاف صدقة اخذها بعض اقرانه و اخوانه المؤمنين، فانه ان كان طالبا لبقاء السر و اعانة المعطى على الاسرار، و صيانة العلم عن الابتذال، و حفظ الناس عن الحسد و الغيبة و سوء الظن، فينبغي ان يكون طالبا لها في صدقة اخيه ايضا، اذ يحصل ما يحذر منه: من هتك الستر، و ابتذال العلم، و وقوع الناس في الغيبة و الحسد بانكشاف صدقة اخيه ايضا. فان كان انكشاف صدقته اثقل عليه من انكشاف صدقة غيره، فتقديره الحذر من هذه المعاني تلبيس من النفس و مكر من الشيطان. و اذا كان طبعه مائلا الى الاظهار، و وجد منه ان باعث هذا الميل هو التطيب لقلب المعطى، و الاستحثاث له على مثله، و الاظهار للغير بانه من المبالغين في الشكر، حتى يرغبوا في الاحسان اليه، فليتنبه ان هذا الداء من الداء الدفين الذي يهلكه لو لم يعالجه، فليترك اخذها جهرا و التحدث بها، و ينتقل الى الاخذ خفية. و ان تيقن من نفسه بان الباعث هو اقامة السنة في الشكر، و التحدث بالنعمة، و اسقاط الجاه و المنزلة، و اظهار العبودية و المسكنة، او غير ذلك من المقاصد الصحيحة من دون تطرق شيء من المفاسد المذكورة، فالاظهار الافضل، و يعرف ذلك بان تميل نفسه الى الشكر، حيث لا ينتهى الخبر الى المعطى و لا الى من يرغب في عطائه، و بين يدى جماعة يعلم انهم يكرهون اظهار العطية و يرغبون في اخفائها، و عادتهم الا يعطوها الا من يخفيها و لا يتحدث بها و لا يشكر عليها. ثم اذا جزم بكون الباعث اقامة السنة في الشكر، فينبغي ان يغفل عن قضاء حق المعطى، فينظر انه ان كان ممن يحب الشكر و النشر فيخفى الاخذ و لا يشكر، لان قضاء حقه الا ينصره على الاثم، و ان كان ممن لا يحب الشكر و لا يطلب النشر، فالاولى ان يشكره و يظهر صدقته.
و ينبغي لكل من يراعى قلبه ان يلاحظ هذه الدقائق و لا يهملها، اذ اعمال الجوارح مع اهمالها ضحكة للشيطان و شماتة له، لكثرة التعب فيها مع عدم تصور نفع لها، و العلم بهذه الدقائق و ملاحظتها هو العلم الذي ورد فيه ان تعلم مسالة واحدة منه افضل من عبادة سنة، اذ بهذا العلم تحيى عبادة العمر، و بالجهل به تموت عبادة العمر. | |
|