النبي إبراهيم عليه السلام

(الجزء الأول)كان رجل اسمه آزر , منجما لملك جبار يسمى (نمرود) وكان(نمرود) كافرا بالله تعالى .
فقال آزر للملك يوما:إني في حساب للنجوم :أنه سينشأ رجل ينسخ دينك أيها الملك , ويدعو إلى دين جديد.
فسأل الملك آزر: هل ولد هذا المولود؟
قال آزر: لا..
قال الملك:ينبغي ان يفرق بين الرجال والنساء , حتى لا يحصل تزاوج , ليكون بينهما نسل .
ثم أمر الملك بمفارقة الرجال للنساء,ولكن شاء الله أن تحمل أم (إبراهيم) بهذا المولود. فحملت .. واخفت حملها عن الناس ,حتى عن أبيه .
فلما أخذ أم (إبراهيم) الطلق, ذهبت إلى مكان مستتر ووضعت بإبراهيم , خوفا على ولدها , ثم قمطته, ورجعت إلى دارها.
وكانت الأم تختلف إلى ولدها وكان ينمو إبراهيم نموا سريعا حتى بلغ مبلغ الفتيان .
واشتد حكم نمرود على الاولاد, فكان يقتل كل ولد ذكر .
ولكن شاء الله أن يبقى إبراهيم في أمن من الملك السفاك .
خرج ذات يوم إبراهيم من مخبئه ,وعمره إذا ذاك ثلاث عشرة سنة .
فنظر إلى آثار قدرة الله تعالى في السماوات والأرض ,وشاء الله ان يلفت إبراهيم إلى آيات الكون
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)سورة الانعام/75وهكذا,
كان ينظر إلى آيات الله تعالى , حتى قربت الشمس للأفول.
(وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )سورة الانعام/75(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا )سورة الانعام/76 في السماء, وكان الكوكب (زهرة), ورأى غن جماعة من الناس يعبدونه, ويخضعون له فتعجب من فعلهم هذا.
و(قَالَ)سورة الانعام/76 مستنكرا عبادتهم للكوكب:(هَـذَا رَبِّي)؟سورة الانعام/76 ونظر إليهم في صمت ! لكن كان يتحين الفرصة , للرد عليهم ..
(فَلَمَّا أَفَلَ)سورة الانعام/76 غرب الكوكب .. واختفى عن الأبصار توجه إلى أولئك النفر الذين كانوا يعبدون الكوكب و (قَالَ) لهم: (لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ).سورة الانعام/76

(الجزء الثاني)

ثم مر بجماعة اخرى, فرآهم يخضعون للقمر ويعبدونه .
(فَلَمَّا رَأى َالْقَمَرَ بَازِغًا) سورةالانعام /77 طالعا من الأفق.. وراى أن أولئك النفر يعبدونه (قَالَ هَـذَا رَبِّي)؟! سورة الانعام /77 مستنكرا فعلهم , متعجبا من عبادتهم!!
لكنه صبر, وانتظر, حتى يرد عليهم , وتحين الفرصة! (فَلَمَّا أَفَلَ) سورة الانعام /77 اختفى تحت الأفق! توجه إلى القوم , و(قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)سورة الانعام /77 .
وبعد ذلك .. بقي إبراهيم , إلى أن طلع الصبح , وخرجت الشمس وإذا به يمر بجماعة , يسجدون للشمس, ويعبدونها!
(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً) سورة الانعام /78 وراى أن القوم يخضعون أمامها (قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ)؟!سورة الانعام / 78 مستنكرا فعلهم , متعجبا منهم , كيف يتخذون الشمس إلها؟!
لكنه صبر , حتى يرد عليهم .. وإذا بالشمس تميل نحو الغروب.
(فَلَمَّا أَفَلَتْ)سورة الانعام /78 وغابت عن الأبصار ... توجه إلى أولئك النفر الذين كانوا يعبدونها و(قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ )سورة الانعام /78 وكيف تجعلون لله شريكا؟ إن (الزهرة) و (القمر) و (الشمس) ليست بإله .
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ )سورةالانعام/79 خلقها, وأبدع صنعها .. (حَنِيفًا) سورة الانعام /79 مائلا عن الشرك إلى الإيمان بالله (وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

(الجزء الثالث)

كان (آزر) منجم الملك (نمرود) وعم إبراهيم , وكان عارفا بنحت الأصنام , فكان ينحتها ويعطيها لأولاده, حتى يبيعونها للناس.
وكان إبراهيم يحترم عمه (آزر), حتى أنه كان يناديهيا أبه)! وقد أحب (آزر) ولد أخيه حبا شديدا.
ولما كبر إبراهيم ورشد دفع إليه (آزر) بعض الأصنام التي كان قد نحتها , وامر ان يبيعها, كما يبيع أخوته .
لكن إبراهيم , كان نبيا عظيما , يعلم إن هذه الأصنام ليست بآلهة , وإنما هي أشياء منحوته .
فكان يعلق في أعناقها الخيوط ... ويجرها على الأرض ويقول :
من يشتري ما لا يضره ولا ينفعه ؟
وكان يستهزيء بالأصنام .. فيغرقها في الماء والوحل ...
ويقول لها :
اشربي .. وتكلمي .

وفي ذات يوم , وشى أخوته خبر مايفعل إبراهيم بالأصنام إلى (آزر) فنهاه (آزر) عن هذا العمل .. فلم ينته إبراهيم , عند ذلك , اغتاظ (آزر) فحبس إبراهيم في منزله ولم يدعه يخرج .
ولما انكشف أمر إبراهيم عند (آزر) وأنه يعبد الله تعالى ولا يعبد الأصنام , التي كان (آزر) يعبدها , ذهب إبراهيم إليه ليدعوه إلى الله , واخذ يدعوه بكل أدب ولطف , قال يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا )؟ سورة مريم /42
(يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ )سورة مريم /43 وقد علمت أن هذه الاصنام ليست بآلهة , وإنما الإله هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ) سورة مريم / 43
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ) سورة مريم /44 فانك إذا عبدت الأصنام , عبدت الشيطان لانك قبلت قوله , وخالفت أوامر الله (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ) سورة مريم /44 (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن) سورة مريم /45 وهكذا أخذ إبراهيم , ينصح عمه (آزر) بكل أدب ولطف , لكن عمه اغتاظ من مقالة إبراهيم , (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ )؟! سورة مريم /46 وتعبد إلها آخر؟! (لَئِن لَّمْ تَنتَهِ) سورة مريم /46 عن مقالك هذا (لَأَرْجُمَنَّكَ) سورة مريم / 46بالحجارة , حتى الموت .
ثم طرد إبراهيم من عنده , وقال له وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) سورة مريم / 46: تغيب عني مدة مديدة , حتى لا أراك .
ولما رأى أبراهيم هذه الخشونة والتهديد من آزر, ودعه وداع متأدب ,(قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ) سورة مريم/47سلام وداع .
(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) سورة مريم /47 وأطلب منه أن يغفر لك (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا ) سورة مريم /48 وانصرف إبراهيم من عنده كئيبا .

(الجزء الرابع)

وشرع إبراهيم يدعو إلى الله تعالى , ويأمر قومه بنبذ الأصنام , ولكن .. القوم لم يستجيبوا لإبراهيم دعوته وأصروا على الشرك (وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ) سورة الانعام /80 في ألوهية الأصنام .. قالوا: إن الأصنام هي الآلهة , والازم علينا ان نعبدها.
(قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ ) سورة الانعام /80 وتدعوني إلى أن اترك الله (وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ ) سورة الانعام /80 فإني لا أخاف من آلهتكم , وأيضرر يمكن أن يضرني به الصنم أو الكوكب والقمر والشمس؟
كلا! إنها لا تضر ولا تنفع(إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا )سورة الانعام /80 فان ربي هو الذي يضر وينفع , وان أصنامكم لا تعلم شيئا (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ) سورة الانعام /80 يعلم كل شيء (أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ )؟ سورة الانعام /80
ثم خوفهم إبراهيم من عذاب الله , قال وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ ) سورة الانعام /81 وجعلتم له شريكا كذبا , لكن القوم أصروا في العناد ...لم ينفعهم كلام إبراهيم .
ثم أخذ ينصحهم مرة ثانية .
(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ) سورة الشعراء /70
(قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ) سورة الشعراء /71
(قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ) سورة الشعراء /72
قالوا: لا.. إنها أصنام من جماد لا تسمع دعوتنا.
قال أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ) سورة الشعراء /73
قالوا:لا .. إنها لا تتمكن من جلب نفع أو دفع ضرر .
قال: فكيف تعبدون ما لا سمع .. ولا ينفع .. ولا يدفع ؟
(قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ )سورة الشعراء /74 وإنا نتبع آباءنا تقليدا لهم .
(قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ *أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ *فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ) سورة الشعراء / 75-77 إن الأصنام أعداء الإنسان , إنها توجب للإنسان شر الدنيا وشر الآخرة . أما الله تعالى فهو الذي يدبر أمور الإنسان الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ *وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ) سورة الشعراء /78-81 . ولكن القوم لم يقبلوا كلام إبراهيم , وركبوا رؤوسهم , ولم يؤثر فيهم نصحه ومنطقه .

حضر عيد للقوم .. وخرج الملك الجبار ( نمرود ) وأهل الدينة إلى الصحراء , لاداء مراسيم العيد هناك ولم يخرج معهم إبراهيم . فلما ذهبوا , أخذ إبراهيم شيئا من الطعام , وذهب إلى بيت الأصنام .
(فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ )؟ سورة الصافات /91 (مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ )؟ سورة الصافات / 92
فكان يدنو من كل صنم فيقول له : كل .. تكلم .. فإذا لم يجبه , أخذ القدّوم, فكسر يده ورجله . ثم علق القدّوم في عنق الصنم الكبير, الذي كان في صدر البيت . وخرج لشانه..