[size=18]عدد كبير من الناس مصاب بهوس السؤال عن الوقت، يضع في بيته الساعات الجدارية والمنضدية في كل زاوية، أحيانا يحمل معه ساعات صغيرة في اليد أو المعصم أو الجيب أو الموبايل، يضع صورها على الحائط أو يتجول في المعارض ينظر اليها. يحفظ أسماؤها وصناعتها وميزاتها. لا يكتفي، يحمل جدول المواقيت لمدة قرن من الزمان في جيبه. دائما يسأل الآخرين عن الوقت.
البعض من هؤلاء لايتعلق عمله بالوقت منهم نساء ورجال، متقاعدين أو كبار سن اوصغار. اذا أهدى لك هدية عبارة عن ساعة يرسم على يديه ساعة او يصنع ساعات ورقية او كارتونية يتسلى بها، بمرورالايام تصبح عادة لا شعورية لا تفارق صاحبها. يبرمج يومه وغده وكل شيء على الوقت حتى يصبح هذا السلوك خارجا عن اطار السيطرة ويصل لما يشبه الهوس.
بل ان بعضهم يضيق الخناق على الاسرة والاصدقاء طالباً منهم تطبيق ما يفعله. فهناك وقت محدد للنهوض والاستيقاظ والطعام والمنام وكل شيء على الساعة ولايمكن ابدا الحياد عنه، وفي حال المواعيد لا يعذر أحدا حتى ولو عرف الظروف القاهرة التي أحاطت بك، وهنا يقول الشاعر:
لست ابغي ساعة تخبرنــي عن اويقات الصبا إذ تنفصل
ساعتي في الصدر قد علقتها هي دقات فؤادي المتصل
إذن، انت تبحث عن إثبات خارجي وتصديق لمشاعرك وقد يكون ذلك بسبب نقص الثقة بالنفس. فأنت غير متيقن، ولا تؤمن كثيرا بحدسك وغريزتك. لم تعد تثق بقرارك، وعندما تكون غير واثقا بشأن طريقة العمل، فإنك تبحث عن دليل ملموس أكثر قدر الإمكان قبل اتخاذ قرار. نادرا ما تتضمن معادلتك الغريزة، لأنه إذا أتضح انه كان قرارا خاطئا، فإنك تحتاج لان تكون قادرا على تحديد الحقائق والدليل، ولتبرير سلوكك تحتاج لأن تكون قادرا على تبرير أفعالك بالاعتماد على برهان من بينة ظاهرية وليس على شعور داخلي.
انت متعب من كونك على خطأ وتشعر انك لم تعد تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات جيدة معتمدة على حكمك. فأنت تهتم بأمور ذات معايير، ولا تهتم، أو تستوعب، بفكرة التعديل حسب الحاجة. تفضل ان يقوم الآخرين بوضع مقاييس لما هو جيد وملائم. هناك برنامج بسيط يحتاج منك المقاومة فقط ،لا يخسرك شيئا ما ،جربه:
أولاـ عش حياتك في عطلة نهاية الاسبوع او لمدة اسبوع كامل بدون (ساعة)
في عالم اليوم المتسارع، فترة اكبر مما يمكن ان تظن. عمليا، في كل مكان ننظر إليه نواجه بالوقت: في ساعات اليد ،الحائط، اجهزة الطوارئ، الفيديو، الحواسيب، الموبايل والتلفزيون... هناك تثبيت قد يكون قاهراً للوقت.
اخلع ساعة يدك وضعها في الدرج في عطلة نهاية الاسبوع. أوقف جميع الساعات في منزلك، او اقلبها الى الخلف بحيث تواجه الحائط . ستندهش من مدى اعتمادك على الوقت ليخبرك ماذا تفعل ومتى تفعله.
عند العيش بدون ساعة لبضعة أيام، ستتعلم ان تعتمد اكثر على احساسك بالجوع وحاجتك للنوم او القراءة، الصلاة.. الخ. اذا لم ينجح يوم عطلة نهاية الاسبوع او اسبوع كامل في تلك الحيلة، اجعل المدة أطول.
ثانياـ قم بنشاطات ليس فيها خيارات صح او خطأ
اذا أخذت موضوع اتخاذ القرارات بشكل جدي الى حد كبير، فأنت تحتاج ان تتعلم كم هو ممتع ان تثق بحكمك وتعتمد على غرائزك. المتابعات المبتكرة هي طريقة ممتازة لتحقيق هذه الغاية. افعل شيئا ما ببساطة من اجل متعة القيام به، كتشكيل قطعة من الصلصال، رسم لوحة، كتابة شعر حر، حل كلمات متقاطعة او ابتكار أي شيء تشغل فيه نفسك.
افعل ذلك الى ان تكون، انت وحدك، راضيا عن النتائج. لست مضطرا لأن تصل الى مستوى توقعات أياً كان من الاشخاص الآخرين. فبالنتيجة، انه إبداعك انت وليس إبداع احد آخر. اذا كانت لوحتك تفتقر الى الواقعية والمنظورية، فماذا في ذلك؟ اذا كان الشكل الخزفي الذي ابتكرته له أبهامين في كل يد، فمن يهتم؟ فقط افعل الاشياء بالطريقة التي تريدها وأعط نفسك فسحة لتطلق العنان لخيالك كي يحلّق. ففي النهاية ستلاحظ النتائج. هناك الساعة البيولوجية لديك بدأت تستجيب...[/size]